اكتشاف النار واستعمال المعادن:
لقد كان الحجر أول مادة تناولها الإنسان القديم بالاستعمال؛
ثم حصل على العظم والخشب والعاج ،فصنع مجموعة متنوعة من الأسلحة والآلات ، لكن اكتشافه
العظيم الذي قاده إلى الصناعة كان هو النار ؛ فكيف وقع اكتشافها ؟ .
إن في الطبيعة ظواهر كثيرة للنار وللاشتعال لا
بد أن الإنسان القديم كان يلاحظها ويعاين نتائجها في بيئته باستمرار:
فالبراكين عندما تثور تخرج منها النيران ، وقد
تشعل الحرائق فيما حولها ، والبرق أيضا قد يشعل النار في الغابات كما يحدث الآن ،
ومن المحتمل أن إنسان الكهوف أن يحمل إلى كهفه بعضا من فروع الأشجار المشتعلة
ليقهر بها عدوه المخيف ألا هو الظلام ؛ إستطاع
أن يوقد النار متى يشاء .
وقد كانت للنار المكتشفة فوئد عظيمة في تطور
الإنسان البدائي ،،فهي التي مكنته من إتقاء البرد الناشيء أثناء العصور الجليدية ،
وهي التي أتاحت له النوم في الليل آمنا من الحيوان ، وهي التي خلقت فن الطهي
القديم ووسعت نطاق الأطعمة لدى الإنسان .
وأخيرا ، فإن النار هي التي أدت بالإنسان إلى
صهر المعادن وطرقها وتشكيلها فاتخذ منها ما يشاء من آلات وأدوات .
وربما كان النحاس أول معدن عرفه الإنسان واستخدمه؛
وقد تعرف إليه صدفة مذابا بين الأحجار التي كان يحيط بها النار؛ثم أخذ الإنسان
يذيب النحاس عن قصد في إناء من الطين والرمل ،وصنع منه الرماح ، والفؤوس ،
والسكاكين ، والأواني والأسلحة .
وما أن كشف الإنسان عن عملية الإستعدان في
النحاس حتى استخدمها في مجموعة متنوعة من المعادن الأخرى كالبرونز والذهب والفضة
والحديد .
ولقد بلغت النار في أعين الإنسان البدائي من
الغرابة والنفع حدا جعلها إحدى المعجزات التي تستحق أن تتخذ (إلها) وتُعْبَدُ ،
ولذلك أقام لها ما لا يحصى عدده من الحفلات التعبدية ، وجعل منها مركزا لحياته
وبيئته ، فلم يَعُدْ يطيق مفارقتها بحال من الأحوال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق